Monday 26 August 2013

مارس

مارس 2006

كان مساء ربيعيا عندما أحست أن " روس" بطل مسلسل فريندز فجأة أصبحت صورته مهزوزة في التلفاز و أنها لا تقوي علي الحركة من فرط سرعة ضربات قلبها. ظنت فقط إنها مرهقة. مجهدة من التعامل مع المرضي في تلك العيادة الفقيرة التي أجرتها مع 3 من أصدقائها, لا من زملائها, الآن بعد مرور 6 سنوات أصبحت تعرف الفرق.
أمسكت في المقعد الذي كانت تجلس عليه. إستندت علي الحائط في الطرقة القصيرة حتي وصلت إلي سريرها, ربما كان هذا أطول مشوار في حياتها.

" تجري بسرعة, يعدو ورائها كلب أسود, يحاول أن ينبح, صوته غير مسموع, سور شائك أمامها"

إبريل 2006
علي الطاولة البيضاء تتمدد بجسدها الذي فقد نحولته الزائدة, يضع الطبيب جيل أزرق أسفل ثديها الأيسر. بيده اليمني يزيح الثدي بعيدا و يحرك مقدمة السونار, تري حجرات قلبها بالأبيض و الأسود…
" يا رب… هتحجب… لأ! لأ! لأ! "
تخفي وجهها بكفها و هي تكتم تلك المقولة, تبتلعها. تحاول أن تقنع نفسها, أنها لا تعاقب, و أن الصفقات مع الإله لا تجوز.
ترتعد عندما تسمع صوت الطبيب القادم من زمن آخر.
مازال ثديها مكشوف.

"  لا تقوي علي الحركة, تغمض عين و تفتح الأخري, تري تلك اللوحة الهدية من صديقتها دارين و التي نقش عليها آية الكرسي, اللوحة مقلوبة علي الحائط, تحاول أن ترفع الأغطية الثقيلة, تفشل"

مايو 2006
تأتيها دورتها الشهرية في إنتظام 28 يوم بالتمام منذ شهر مارس. تكره إنتظامها المقيت. فجأة ترتفع ضربات قلبها عندما تري إسم أحد أصدقاء الكلية علي شاشة التليفون. ترمي الهاتف بعيدا عنها. و عندما يأتيها صوت ريهام الهادئ يعاتبها علي إختفاء 3 شهور بدون خبر أكيد, و عندما يتحول العتاب إلي تقريع, تغلق الهاتف في وجهها و تملئ غرفتها بموسيقي الكونتري ميوزيك الهادئة. تري فراشات صغيرة تحلق أمام عينيها, تموت واحدة تلو الأخري, بل يحترقون, من الرماد تري شجرة صغيرة تكبر. تطرد الخيالات من أمام عينيها. تبحث عن كتف تستند عليه لبضع دقائق فلا تجد غير اللوم بإنها جبانة. تنكسر داخل عقلها و يتحول إحتياجها إلي حضن إلي خجل يلازمها.

" ورقة إمتحان فيزياء. تعلم جييدا أنها كانت متفوقة فيها. و لكنها اللآن تدرس الطب. لا تتذكر شئ. تترك ورقة الإجابة خالية"

ديسمبر 2006
تجلس القرفصاء علي سرير الكشف المغطي بجلد أسود مهرتئ في مقر عملها… تحاول أن تستند علي الحائط و لكن الإحساس الأسمنتي يبعث في جسدها برودة لا تحتملها الأن. تشعر بدوار شديد. تغمض عينيها فتتدافع الكلمات إلي رأسها. مرت 3 سنوات منذ اخر مرة شعرت فيها بهذه اللذة. هذا الحزن الذي يخنق صدرها ممزوج بفرحة ميلاد… كلمات تتدافع من عقلها تمر بقلبها لتكتب بأصابعها النحيلة علي ورقة بيضاء, فتنتفض كل أجزائها و تعود لتحلم.

" ضباب أسود يخرج من فتحة أنفها. ترجع برأسها إلي الوراء. يحاول الضباب أن يعود. تمسك بتلابيبه و تشده, فيخرج من كل فتحات جسدها. تنهار."

يوليو 2007
تتقدم بخطوات مهتزة نحو مبني ماسبيرو. لا تعلم حقا لماذا هي هنا. تري كل شئ حولها بصورة المنفصل عن الدنيا, فهي سوف تقرأ كلماتها علي الهواء مباشرة. لقد نسيت تماما أياما كانت هي فيها المعدة و المذيعة للإذاعة المدرسية طوال 4 سنوات متواصلة. تعلم جيدا أنها سوف تعاني تهتهة واضحة في هذه الليلة. تجلس أمام ميكروفون الإذاعة, لتسمع بدون سماعات صوت تلك السيدة الأربيعينة التي كانت تحتمي في صوتها طوال الأشهر الماضية بدون حتي ان تعرفها, يكفي أنها كانت تعطيها الأمل عبر كلمات تشجيعية بسيطة.

" تبحث عن جعران أزرق صغير لتضعها حلية حول رقبتها, تجده في غرفتها تحت كوم من الأتربة, تنفض عنه التراب و ترتديه"

مارس 2009
تجلس علي طرف سريرها و هي تمسك بكتاب بنفسجي صغير. تري إسمها منقوشا عليه. مازالت لا تستوعب. ها قد أتي مارس, بمخاوفه, بأحزانه. تشعر بدوار خفيف فتمسك في طرف السرير. تبتسم, تنظر عبر شباكها المفتوح إلي يمامة صغيرة تقف هناك. مازالت تحارب ذكري الجيل الأزرق, ذكري صورة " روس " المهتزة. تري الضباب الأسود قادم من كل ناحية. تغفو علي كتف حنون لا يشعرها بخجلها الزائد. تتصفح الكتاب, مع كل 
صفحة تطرد شبحا.

November 7, 2011

دفوف

تري الباب الذهبي الذي يفتح علي مصراعيه عند دخول حضرتها. تجلس في أخر الطرقة الطويلة. تستند بظهرها علي حائط قد يكون عمره مئات السنين. تضع كفيها علي الأرض المتربة. تفاجئها نوبة الحساسية فتكح و ينقطع نفسها من التراب العالق في المكان. يتحول ريقها إلي مخاط. لا تقدر علي البلع. جف فمها تماما, تمد أصبعها السبابة و تقشر شفتها السفلي, تسيل دما, خيط رفيع جدا يصل إلي ذقنها,
تتأوه عندما أطبق علي شفتها السفلي بأسنانه, تنظر إلي عينيه. كأنها تنظر إلي صورتها المنعكسة في البحر. في أول الشط, تقف حضرتها ممسكة بطائر ذو ريش برتقالي كثيف.
تفكر أن تأخذ بضعة خطوات نحو الباب. تحاول أن ترفع جسدها بأن تستند بكفيها علي الأرض. يفاجأها ظل ممسك بمخدة صفراء و هو يحاول أن يضعها علي وجهها. تصرخ فزعة, تري الطرقة أمامها تضيق و تلتوي, لم تعد تري نهاية الطرقة, ترفع كفها في وجه الظل, تشيح بيدها, فيختفي كأنه دخان.
تضيق السبل, تحيط رقبته بذراعها, تطوقه و تشده إلي صدرها بقوة. لا يحتمل. يذهب بعيدا. ثم يعود من الخلف يقبل رقبتها. يتناثر ريش الطائر من حولهما.
تفرد ظهرها علي الأرض, تفتح أرجلها, تشد الفستان الذي ترتديه, تشعر بالهواء يتخلخل بين خلايا جسدها المنهكة, تفرد ذراعيها. السقف, ملئ بنقوش ملونة. مثلثات متقابلة, تقاطعها دوائر مصمطة من اللون الأسود. تتهاوي النقوش, نقش وراء الأخر, تغمض عينيها بشدة. صوت إنهيار, تعدل رأسها 
قليلا و تنظر إلي مكان الصوت, لا تري شيئا. فقط تحول الباب من اللون الذهبي إلي الفضي. يضع الطائر رأسه عند قدميها, سبات.

October 15, 2012

Friday 15 March 2013

فى غرفة المونتاج (الحارس )

قميص أرزق ، واسع . شرايط صفرا على كتافة ، طاقية ، وشنب وبيحرس بنك كبير من جوة كشك خشب..جوة شارع ضيق فية قهوة مليانة ناس مبتتغيرش كل يوم نفس الناس.كان دايما بيقول عليهم  لا شغلة ولا مشغلة

بس النهاردة فية مخرج وكاميرات وبتصور معاهم كمان..ازاى يصورو معاهم ويسيبونى انا دول صيع ملهمش شغلانة ودين النبى انا اهم من اللى خلفوهم


قام من الكرسى....قلع الطاقية...مشى ايدة على شعرة...راح القهوة قال للمخرج...سلامو عليكو....اية اية وعليكم السلام ..انا مدير الامن هنا فى البنك..ايوة خير ثوانى يا استاذ بنصور بس...بتصور مع مين بس انت عارف العيال دول يا باشا!...بص يمين وشمال ..وقالة مبرشميييين

Saturday 9 March 2013

الحمد لله

خارج من (سيتى ستارز ) المول الشهير، السما شكلها كئيب ،السحاب شكلة كانة دخان سيجارة ،القبة الزرقا اللى فى مسجد الشرطة خارج منها اذان صوتة حلو، قدامى راجل عجوز ماشى بعكاز باصص فى الارض على طول ، لابس نضارة سودا وبدلة سودا برضة، بيقول كلمتين بس وبيغير ترتيبهم ...الحمد لله ...لله الحمد

صممت امشى وراة مع انة ماشى بالراحة جدا ،كنت بحاول اسمعة كان فية حاجة مريحة وقفنا على البوابة شوية كان فية زحمة. سمعت سواق تاكسى بيحكى زكرياتة فى النصب قال لواحد ( ركب معايا تلاتة حريم سورى !! قشطت اللى خلفوهم وانا امشى والعداد يمشى ولا هما واخدين بالهم )

واحد تانى سواق تاكسى  برضة مطحون واقف بيقول تاكسى ؟ تاكسى ؟ ووشة مليان احتياج  للمشوار دا شكلة فعلا غلبان ....قدام مول زى دا والناس اللى خارجة منة واللى واقفة قدامة سألت نفسى ازاى فى فرق الطبقات دا فى البلد وجوة كل طبقة  الفرق دا كلة؟ بصيت للسماء الكئيبة وطلعت نفس طويييل ببص ورا لقيتة بيقول ..الحمد لله ...لله الحمد

Friday 8 March 2013

رائحة البابايا

"لان انا مضمنش اهلي" كانت هذه هي الحجة التي تقولتها مروة الي لما سألتها عن سبب استكمال حياتنا معا.
" طيب هما اهلك عايزين ايه " هكذا رددت
" انا مش عارفه هما عايزين ايه مني ، اي حد هما اللي يوافقوا عليه اللي علي مزاجهم "
وقعت كلمات هذذه الجملة علي اذني لاحس بالانزعاج و كأن كل شيء في الحياة كان ينذرني بهذا ، لما تحولت الالوان الي الاصفر.
" طيب و انتي هتستسلمي بالسهولة دي ، دي حياتِك انتِ "
" انا مقدرش اعمل حاجه الا لما يكونوا موافقين عليها "
عندئذ اختفت مروة بلونها الرمادي من امام عيني و تعالت اصوات مزعجة حولي فصرت اسمع كل شيء ، صوت المترو المار بجانبنا صوت المطارق لعمال بمبني مجاور و صافرة طويلة مزعجة ، اري شفتيها تتحرك لكن لا اسمع منها شيء.
الان امشي كالموتي الاحياء لا اميز الالوان و الروائح ، فالحياة االان ذات رائحة واحدة رائحة المستشفي المزعج ، هذا الخليط الغريب من الفورمالين ممزوجاً بتأوهات بشرية و دموع.
كان يوم عادي في اروقة المستشفي عندما رأيتها تعبر الشارع لتجلس في المقهي الذي اعتدنا الجلوس فيه فجريت لالحق بها ، كم اشتاق لشم رائحة الباشوون فروت المنبعث منها ، عندما وصلت الي باب المقهي بدات في الجلوس في مكاننا المعتاد الطاولة المستترة وراء العمود الاوسط من المقهي ، عندما دخلت و ظهرت الطاولة كاملة من هذا الجلس هناك ، هذا ليس انا ، تسرت مكاني ، بهذه السرعه تم نسياني ، أهذا هو الشخص المطابق للمواصفات الحكومية ؟
تفكرت قليلا لما هذا الحزن ، هل تماديت في الحزن ، و غرقت في بحره ، صارت رائحة الملح تملأ صدري و تخضب طعم فمي بالدم الان.
في المساء قررت ان انقذ نفسي من الغرق ، انفردت بنفسي في بقعتي الهادئة مستند علي شجرة الكفور ، مغلق عيني مستمع لهمسات الهواء بين ورقيات شجر الكافورمتلفح بالليل ، عندذ أتت رائحة البابايا فتحتت عيني لارها بشعرها البني الطويل الذي يبعث علي الراحة.
" اميرة ازيك يا شيخة ، اقعي احكيلك "

Tuesday 26 February 2013

عيون بريئة

دلوقتي انا و ابويا رايحين لي ممر قهاوي البورصة زي ما ابويا رد لما قلتله للمرة المليون اني تعبت من اللف و نفسي اروح لامي و و اخواتي بقي ، بعد ما بعنا شوية حلوين من الربابات في الازهر و التحرير و جنينة الحيوانات اللي نفسي ادخلها في يوم من الايام ، معظم اللي بيشتروا اليومين دول اجانب معادش فيه عيال صغيرة بنشوفها في الازهر زي زمان مع عيلتهم ماشيين و بيشتروا مننا ، و ان شبطوا في شرا الربابة حبة و ياخدوا قلمين لو مبطلوش زن.
المهم اول ما وصلنا لممر القهاوي قلت لابويا اني تعبت قام شالني علي كتفه ، اهو كده كده الممر زحمة و كده كده حبة و نروح ، لكن الممر ازحم النهاردة من اي يوم و قدام الفندق اللي بعرفش انطق اسمه فيه ناس واقفة ، قام ابويا صمم نعدي من هناك من عند اللمة يمكن حد يشتري او نطاع في التلفزيون و امي تشوفنا زي ما ابويا قال لي.
لما قربنا من اللمة كان فيه راجل واقف و بيبوص لي ابويا اوي ، و جنبه بتاع الامن اللي واقف علي الفندق اياه و ابويا معدي من وراهم ، مرة واحدة بتاع الفل عم ابراهيم ناد لنا بصوت عالي كعادته ، عاملين ايه و جه جري علينا ، عامل ايه يا ابو العيال و عملت ايه النهاردة ، زي الفل يا عم ابراهيم رزُقت ، فك عم ابراهيم عقد فل حولين ايده  و لفه حولين ايدي عقد فل بتاع كل يوم للكتكوتة ، بفرح اوي بعقد الفل بتاع عم ابراهيم اللي باخده منه و بتاخد مني لما اروح كل يوم ، بس علي الاقل هما بياخدوا حاجه كانت ليا انا من الاول.
دلوقتي هنروح لكن مستغربة العينان اللي كانت متبعانه لحد ما مشيت.
الا هو كان باصص ليه ؟
يا تري امي هتفرح بالكام ربابة اللي باعناهم النهاردة ، و لا كالعادة يا ما جاب الغراب لامه.